Wednesday 23 May 2012

احبكم


كتبت هذا المقال و انا اتابع الأحداث الأخيرة فى العباسية و اتحسّر على حال بلدى مثل الكثيرين و لم انشره آنذاك، لكن يبدو لى ان الآن وقت مناسب لنشره.

كل ما اراه فى الآونة الأخيرة هو تخوين و مزايدة و شتائم بذيئة و حقد و عدم ثقة و اتسآل - بعيداً عن المشهد السياسى - كيف سنحيا نحن المصريون معاً فى هذا البلد؟ كيف سنجعل من مصرنا الجنة المنشودة و نحن نفرح لمصائب اهلنا و نشمت فى ما يلاقيه البعض فى بلادنا من مشاكل و احزان؟ لماذا نحاول انقاذ وطن اصبح من سماته كراهية اهله بعضهم البعض، لماذا نناضل و نكافح؟ الم نقل ان كل شئ نفعله هو من اجل المواطن المصرى؟ كيف نقول اننا نحارب من اجل كرامة و عزة هذا المواطن و نحن نشتمه بأقذر الألفاظ؟ كيف نغنى اغانى حب فى الوطن و نحن نبغض اهله و اصحابه؟


رسالتى قد تبدو ساذجة او بليدة او حتى غير واقعية، لكننى مصممة ان اقولها. السياسة و الإقتصاد و عجلة الإنتاج يمكن اصلاحهم لكن اخشى على بلدى من انكسار روحها، اخشى على ما يتكلم عنه كل غريب يزور مصر فيمدح فى حلاوة المصريين و اتساع صدرهم و كرمهم. احشى ان تتلاشى الإبتسامة من وجه المصرى و تأخذ مكانها نظرة الغل والحقد.

لذلك اقولها: اننى احبكم يا اهل بلدى، قد اختلف معكم فى كل شئ، لكن نجتمع فى انسانيتنا و حبنا لهذا الوطن العظيم. و ما اعظم ام الدنيا التى كانت تبهر الملحنين و الشعراء فيشعروا بعجز شديد اثناء محاولتهم وصف جمالها و عظمتها. كم من قصائد كتبت فى حب مصر و لم توفى لها قدرها... كم غنى المطربون لها و حملت نسمة اصواتهم حبها الى قلوبنا؟

احب "الإسلاميين". نعم، احبهم و اريد ان نحيا معاً فى وطن يسعنا جميعاً. اعرف ان هناك من سيسخر من كلامى لكنى لا اتكلم عن ارائهم السياسية او ما يريدون من الناحية التشريعية. انا ليبرالية بشدة، مقتنعة بحق كل انسان فى ان تحترم الدولة حريته الكاملة فى ان يحيا كما يشاء طالما لا يؤذى غيره. لكن على الجانب الإنسانى، لا اريدهم ان "يرجعوا الى الجحور و المعتقلات" كما ردد البعض، لا اشمت فيهم و لا افرح حين يقتل او يصاب منهم احد، انها اشياء بديهية لكن يبدو اننا فقدنا حتى ابسط المشاعر الإنسانية فى محاولتنا لإنقاذ دولة.. و ما هى الدولة دون ابنائها؟ منهم من يتسم بالنوايا الحسنة و منهم من له اغراض اخرى قد تكون غير شريفة، و كاذب من يدّعى ان هذا لا يوجد فى كل التوجهات و الحركات السياسية. لا اكره اهل بلدى و اتمنى لهم كل خير بغض النظرعن ارئهم السياسية.

احب "الفلول" او "حزب الكنبة"، لهم مكان فى مصر بعد الثورة، فهم اهلنا، ارفض تسميتهم بالعبيد و السخرية منهم بوقاحة. ليست هذه مصر التى اريدها من بعد الثورة، لم نثور من اجل مصر ترفض اولادها لأنهم لا يتفقون مع الثوار او طرقهم. كيف نقول انها ثورة شعبية و عندما يخالفنا اعضاء الشعب فى الرأى نشتمه و نقلل من قدره؟ الم تقم هذه الثورة بهم و من اجلهم؟ هل اصبحوا هم الأعداء؟ لأنهم لم يقتنعوا بالنظام الجديد؟ هل قدمنا نحن بديلاً او اظهرنا قدرة على التعامل العاقل المتزن حتى يثق فينا و فى ثورتنا الجميع؟ الم نجعل حتى من كان يؤيد الثورة فى البداية يبغضها الآن لأنه لم يجد لنفسه و ارائه مكاناً بين مؤيديها؟

احب "الثوار" احب من كافح و ضحى و اصّر على الصمود حين كان الكل يخاف و يضعف. احب من فقد عين حتى تنفتح اعين الوطن، من فقد  نظره لأنه رأى فى ذلك تضحية بسيطة من اجل وطن عظيم. احب من تكلّم و الكل ساكت و من لم يبالى بكلام المنتقدين لأنه يؤمن حقاً بحلمه. احب من رفض ان يقبل لمصر حياة لا تليق بقدرها وعراقتها. احب من تمسك بمبادئه و فضّل الموت على الذل. نعم، احب كل من نادى بالحرية و الكرامة...

علينا ان نتذكر اننا كلنا فى مركب واحد، ستنتهى الإنتخابات و ستأتى إنتخابات اخرى.. ستتوالى الصراعات السياسية و لن نخلص من مشاكل الوطن الكثيرة قريباً.. كل شئ سيتغير مع الوقت لكن ارجو ان تكون المحبة بيننا هى الشئ الباقى، ارجو ان نبنى دولة دون ان ننسى تقويم مجتمع جُرح و تفتت فى صراعات كثيرة سياسية و طائفية.

فلنختلف فى كل شئ طالما نحن متحدون تحت راية حب مصر. 

No comments:

Post a Comment